كيف أكون أفضل صانع محتوى في مجالي؟

وقت القراءة: 11 د


بقلم ريم الناصر @ReemAlnaser28

كيف أكون أفضل صانع محتوى في مجالي؟

لن نتحدّث عن التقنيات التي تؤهلك لتصبح صانع محتوى، لأن هناك وفرة في المعلومات من هذا الجانب، ولكنّنا سنتحدّث من منظور مميز، يؤهلك لتصبح (أفضل) صانع محتوى في مجالك! ويمكنك أن تعرف أكثر عن مجال صناعة المحتوى من هنا.

بداية، مهما كان تخصصك الأكاديمي أو مجالك المهني أو مسار اهتماماتك أو نوعيّة هواياتك، فإن "الشغف" الذي تمارسه يوميا بطريقة تقليدية يمكن أن تمارسه بطريقة مختلفة ومميزة! وذلك عن طريق صناعة المحتوى في هذا المجال، لذلك لا تقلق بشأن تخصصك وبأنك لا يمكنك أن تصنع محتوى في مجال الطب، أو الهندسة، أو الصحة، أو حتى رعاية النباتات مثلًا، وغيرها من المجالات والاهتمامات، فكلها قابلة لتشكيلها عبر مكوّنات رقمية مختلفة وتقديمها كمعرفة، وتأكّد أن هنالك الكثير من الأشخاص المحظوظين الذين سيستمتعون بما تقدّم.

وبشكل دقيق يمكنك صناعة محتواك من خلال طريقتين:

·        الطريقة الأولى: بناء علامة تجارية شخصية personal brand

·        الطريقة الثانية: بناء حساب عام

ومهما كان توسّع نشاطاتك على أرض الواقع إلا أننا سنتحدّث من المنظور الرقمي والذي سيضمّ محتوانا بمختلف أشكاله وأنواعه وسبُله، وسنتحدّث عن الطريقة الأولى بشكل مفصّل كوننا نتحدث عن التميز والتفرّد، فصناعتك لعلامة تجارية شخصية يؤهلك بشكل كبير لتكون أفضل صانع محتوى في مجالك.

 

بناء علامة تجارية شخصية personal brand

من أهم الأمور التي يجب دراستها عند البدء بخطوة صناعة المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي، هو العلامة التجارية الشخصية التي تعتبر لُبّ موضوعنا، فأنا كفرد أصنع محتوى في مجالي، لابد أن أُظهِر هويتي وشخصيّتي ومظهري بطريقة لائقة ومدروسة تخدم أهدافي من الظهور، الأمر الذي سيدعم ويحقق أقصى استفادة مرجوّة من صناعتي للمحتوى.

يميل الناس عادة إلى الثقة والارتباط عاطفيا بالأشخاص أكثر من الجهات أو الحسابات العامة التي لا ترتبط باسم شخص واحد، فيتقبّلون ما يقدّمونه ويكونون أكثر انفعالًا وحماسًا لمحتواهم، ولذلك فإن صناعتك لعلامتك التجارية الشخصية مزامنةً مع صناعتك للمحتوى سيكون قرارا صائبا.

 


ماهي العلامة التجارية الشخصية؟

هي الانطباع الذي ستتركه عند الآخرين عن طريق مشاركة هويتك وشخصيتك ومظهرك بطريقة مدروسة لا عشوائية تخدم أهدافك من هذا الظهور.

إن جميع تبعات هذا الظهور تتعلق بالانطباع الذي ستتركه، إن كان انطباعًا جيّدا فستحظى بمزايا هائلة وستكون جديرًا بالثقة والإخلاص من الأشخاص المعجبين بطرحك، أما إن كنت ستترك انطباعًا سيئا فعدم دخولك في هذا الطريق أولى وأسلم. لذلك لابد من الانتباه جيّدا لعدة نقاط رئيسية، فعند صناعة علامة تجارية شخصية فأنت تظهر كفلان الذي يمتلك أهدافا معينة في المجال المنشود، ولست كفلان الذي لديه اهتمامات مختلفة ومتشعبة ولديه آراء وأفكار في العديد من نواحي الحياة. ولذلك حتى يكون الظهور ملائمًا لمقاصدنا المنشودة لابد أن نتبع النقاط المهمة التالية:

1- حدّد أهدافك من صناعة المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي.

2- حدّد الفئة التي تريد أن تصنع لها هذا المحتوى، ويُفضّل أن تحدد بدقّة مواصفات الفرد المستهدف في محتواك.

اكتب في ورقة خارجية هذه المعلومات، وقم بتعبئتها بناء على الفرد المثالي الذي تتوقع أن محتواك يستهدفه:

الاسم / العمر / مكان الإقامة / التخصص أو مجالات الاهتمام / وضعه المادي

يمكنك إضافة المزيد من المعلومات وتعبئتها، وكلّما حصرت مواصفات فئتك المستهدفة استطعت فهم احتياجاتهم أكثر ومن ثم تلبيتها.

3- حدّد اللغة التي ستخاطب بها هذه الفئة، وتكون اللغة عادة بناء على مواصفات الفرد التي قمت بتحديدها مسبقًا، لابد أن تتكلم بلغة وأسلوب محبب ومناسب وقريب من هذه الفئة.

4- حدّد الوسيلة المناسبة التي ستصلك بفئتك، ويُفضّل بداية أن تركّز على وسيلة واحدة وهي الأقرب إلى فئتك، ضع كامل جهدك وتركيزك عليها وابدأ بأبسط الطرق والأدوات. في هذه المرحلة ركّز على التوجه والطريقة والنظام أكثر من التقنيات، ففي البدايات تحديدا لا يهم الجمهور لأي درجة تكلّفت في شراء الأدوات أو المعدات، لكنه يهتم بالصدق والمعرفة والمشاركة والقيمة والأشياء التي تغيّر بداخله مبدأ ما أو تعلمه مهارة أو تضفي له متعة ومرح، لذلك ركّز على هذه الأشياء في البداية وتطور تدريجيا.

5- حدّد التخصص الدقيق الذي ستقوم باحتكاره! نعم في الغالب ستقوم باحتكار جانبٍ ما في مجالك، وسأساعدك في ذلك، بالتأكيد أنك ملمّ في مجالك، ولكنك متفوق عن الآخرين في شيء محدد، وتمتلك نقاط قوة خارجية لا يمتلكها أقرانك في هذا المجال، تستطيع عمل حسبة سريعة تختص بشخصيتك وقدراتك وطريقة تفكيرك ونقاط قوتك، وتحديد الشيء الدقيق الذي تستطيع أن تقدّم فيه أكبر مساعدة للآخرين وإحداث نقلة أو تغيير فكرة أو تعليم مهارة. ودعني أضرب لك مثالًا على مجال اللغة الإنجليزية مثلا، ولنفترض بأن اللغة الإنجليزية هي مجالك الذي تودّ أن تبدأ صناعة المحتوى فيه، وأنت تعلم يقينًا ومن خلال تجاربك السابقة بأنك تتميّز في مهارة الكتابة، وتحديدا كتابة القصص القصيرة للأطفال، فأنت بهذه الطريقة ضيّقت نطاق التخصص بطريقة تناسب نقاط قوتك وستخدم الآخرين بشكل أفضل عن طريقه، ويمكن أن نفهم هذا التضييق بهذه الطريقة:

اللغة الإنجليزية

> الكتابة باللغة الإنجليزية

> كتابة القصص باللغة الإنجليزية

> كتابة قصص الأطفال باللغة الإنجليزية

طبّق هذا التمرين على تخصصك وتفاجأ بالتخصص الدقيق الذي ستبرع به، وتحتكره.

 

كيف أبدأ في صناعة المحتوى لعلامتي التجارية الشخصية؟

سنتفق على مبدأ قويم لا يمكن تجاوزه في هذه المرحلة، وهو مبدأ العطاء. إن العطاء من منبع حقيقي وصادق وبلا انتظار مقابل، ومساعدة الآخرين بطريقة تغيّر من مسارهم أو تفكيرهم، من أهم الأمور التي تفيدك ماديا ومعنويا كصانع محتوى، لذلك لا يمكن تجاوز هذه الخطوة أبدًا وخصوصًا في البدايات، فإن هذه الفكرة بمثابة دائرة جذب لثقة الآخرين بك، لا يمكن إثبات جدارتك للآخرين إلا من خلال ما تقدّمه أنت لا هم، لا تنتظر من جمهورك أن يحكم عليك بالصدق ويرتبط بما تقدّمه ويعطيك شيئا إلا بعد أن تعطيه، وبعد العطاء لابد أن تستمر في ذلك، فالاستمرارية هي الحد الفاصل بين تحقيق النتائج من عدمها، يستطيع الجميع البدء وبأبسط الإمكانيات، لكن لا يصل للنتائج القوية إلا القليل، لماذا؟ لأننا وكما ذكرنا، الاستمرارية هي الحد الفاصل بين تحقيق النتائج من عدمها.

ويمكن اختصار البدء بهذه الطريقة: العطاء > ثم الاستمرارية.

 

هذا من حيث المبدأ، أما من حيث التقنية،

فيمكن تقسيم مرحلة بدء صناعة المحتوى لعلامتك التجارية الشخصية إلى 5 خطوات.

 




5 خطوات عمليّة للبدء بصناعة المحتوى في مجالك

·        الخطوة الأولى: وضّح أهدافك

لابد من توافر هذه السمة في صانع المحتوى، وأعني بذلك سمة الوضوح والنظام والبعد عن العشوائية، فأكثر الأشخاص وضوحا في أهدافهم هم أجرؤهم على تحقيقها، والشخص الذي لا يملك تصوّرا كافيا عن الأماكن التي يطمح للوصول إليها، أو الأمور التي يتمنى تحقيقها، فلن يصل إلى أي مكان.

أول خطوة في تحقيق النتائج العظيمة هي امتلاك التصور الواضح جدّا عن الأهداف المنشودة، ووضع الأهداف لا يعني الحصر أو التضييق عليك أثناء الطريق، فأهم سمة في الأهداف أنها مرنة ويمكن أن تتطور أو تتعدل أثناء مسيرك، لكن الوجهة دائما واحدة، ولذلك حدّد أهدافك بما يناسب وجهتك.

 

·        الخطوة الثانية: حدّد توجهك

قبل البدء بصناعة المحتوى لابد من تحديد التوجّه، ونعني بذلك المسار الذي ستسلكه في رحلتك، يحتوي التوجه على تخصصك الدقيق + نوعيّة الأسلوب الذي يناسب فئتك المستهدفة + السبيل والطريقة التي ستتبعها كبداية للانطلاق، الجدير بالذكر أن هذه الطرق والأساليب بشكل عام يمكن وضعها بشكل مبدئي مع التطوير والتعديل المستمر، ولكن لابد من تحديد معالم الخريطة ورسم الخطوط العريضة في البداية ليعرف صانع المحتوى إلى أين سيتجه وكيف.

 

·        الخطوة الثالثة: ارسم خطّتك

ونتحدث هنا عن جزءين رئيسيين: المسار، والتقنيات.

أما المسار في الخطة؛ فهو رسم الشكل الذي ستكونه خلال أول 30 يوم على الأقل من صناعتك للمحتوى على وسائل التواصل، ولنفترض بأنك قمت باختيار منصة اليوتيوب لصناعة المحتوى، فرسم المسار في هذه المنصة يتضمن تحديد مواضيع الفيديوهات وطريقة تسلسلها وتدرّجها، وعدد الفيديوهات الأسبوعية، وتقسيم المحتوى المجاني والمدفوع مثلًا على الفترات الزمنية، وكيفية الاستفادة ماديا من هذه القناة، بالإضافة لطرق التسويق لها على منصة يوتيوب أو غيرها.

بمعنى آخر هو رسم الخارطة بشكل عام بعيدا عن التقنيات الدقيقة، ولذلك بعد رسم المسار يأتي تباعا توضيح التقنيات وتجهيزها، فتكون كالتالي:

لنكمل على نفس مثالنا لقناة اليوتيوب، فيكون دور تجهيز التقنيات في هذه المرحلة هو نوعيّة المعدّات وآلة التصوير التي سنستخدمها، والمكان والديكور والإضاءات وغيرها، والملابس التي سنرتديها والمايكروفون، بالإضافة إلى الأمور التي تدعم أهدافنا وتوجّهاتنا من وسائط مرئية وتصاميم بصرية والاهتمام بالمونتاج والأصوات وغيرها. أنصحك في البداية أن تنطلق بأبسط التقنيات وتتطور تدريجيا مع الوقت، لا تنتظر أن تكون مثاليا لتبدأ.

 

·        الخطوة الرابعة: ابنِ جمهورك

نلاحظ أن الخطوات الثلاث السابقة كانت بما يسمى "خلف الكواليس" أو التجهيز على الورق، فشملت الترتيب والتخطيط لما قبل البدء، ولكننا الآن في الخطوة الرابعة نبدأ عمليا بتطبيق ما قمنا بتجهيزه، وفي هذه المرحلة من الظهور نحن نقوم فعليا ببناء هذا الجمهور المهتم بما نقدمه، وأثناء ذلك لابد من الانتباه لأربع نقاط أساسية:

-         تواصَل وتفاعَل: لا تكن رجلًا آليا! عزّز علامتك التجارية الشخصية من خلال إبراز شخصيتك والتفاعل إنسانيا وعاطفيا مع الآخرين، ضمن الحدود التي تخدم ظهورك وتواجدك على المنصة.

-         كوّن علاقات: بادِر ثم بادِر، بدون أن تفرض نفسك على الآخرين، فتكوين العلاقات يأتي بانسيابية تامة وخلق أثر طيب مع كل شخص يقابلك في رحلتك. العلاقات هي مجموعة من المواقف الطيبة التي تتراكم مع الوقت لتخلق نتيجة رائعة وتختصر عليك مسافات طويلة فقط لأنك جدير بالثقة عند شخصٍ ما، اترك أثرًا إيجابيا فقط وكن مبادرًا.

-         جرّب دائما: التجارب المستمرة والمحاولات هي الشيء الوحيد الذي لن تندم عليه، فأنت إما ستتعلم طريقة وتقنية جديدة أو ستكسب خبرة أو ستحصل على الهدف المرجو من هذه التجربة. لذلك جرّب دائما ولكن لن تنجح في ذلك إلا عندما تنزع الخوف من داخلك.

-         عدّل وطوّر: كن مرنًا في هذه النقطة تحديدًا، تُشكّل بعض الخطط التي نضعها لأنفسنا عائقا ثقيلا وعبئا على عاتقنا، وعلى الرغم من أن هدفنا من الخطة هو التنظيم والترتيب إلا أنها قد تنقلب ضدنا، كن مرنا وتقبّل بأن المسار الذي رسمته لنفسك قابل للتطوير والتعديل دائما، فأنت في هذه المرحلة أوعى وأعلم بالأنسب من حالك قبل البدء، ولذلك عدّل وطوّر ولا تخشَ من التغيير.

·        الخطوة الخامسة: اقتنص فرصك

لا تنتظر الفرص لتتجهز ولكن تجهّز لها قبل مجيئها، يمكن أن تقتنص الفرصة المناسبة في الأوقات المناسبة عندما تتذكر دائما أهدافك التي وضعتها في الخطوة الأولى، الكثير من المشتتات قد تعيقك عن التفكير بأهدافك أو تشغلك عنها إلا أن رؤيتك الواضحة وأهدافك القوية إذا ما كانت تراودك وتراها نصب عينيك فإنك بهذه الطريقة ستلمح الفرص السريعة، بل وستبادر وتسعى بحسب مقدرتك واستطاعتك، وستصل لنتائج عظيمة في وقت قياسي تقريبًا، وذلك لسبب واحد يعود بنا للخطوة الأولى والرئيسية والأساسية وهي: وضوح أهدافك.

 

وأخيرًا، فإن التميز والتفرّد ينطلق من أساس واحد، وهو معرفتك بنقاط قوّتك في مجالك، ثم قدرتك على تحويلها لمحتوى يلائم الفئة المهتمة بمجالك، إذا استطعت فهم هذ المبدأ وتجسيده على أرض الواقع بطريقتك الخاصة والموائمة لشخصيتك، فسيجوب محتواك الأرض بقوّته، لأن أفضل صانعي المحتوى في مجالاتهم فهموا هذا السرّ، ثم تعاملوا به.